الأسماء التجارية والحماية القانونية المقرّرة لها

الأسماء التجارية والحماية القانونية المقرّرة لها
الإسم التجاري   الحماية القانونية للإسم التجاري  السجل التجاري

PDF

 

ماهية الأسماء التجارية وأنواعها

الإسم التجاري هو التسمية التي يستثمر تحتها المشروع التجاري، يستعمله التاجر لتحديد مشروعه وتمييزه عن سواه ولتمكين الزبائن من التعرّف عليه بحيث يشكّل الإسم التجاري بحدّ ذاته وسيلة لاستقطابهم. وتعتبر الأسماء التجارية مالاً معنوياً تعود ملكيته لمن استحدثه واستنبطه وسبق له أن استعمله إستعمالاً فعلياً وعلنياً كإسم تجاري لمحلاته أو نشاطه التجاري ككل، وفي منتوجاته وسلعه التجارية والصناعية أولاً، وذلك في مواجهة منافسيه الذين يزاولون تجارة أو صناعة مماثلة، بهدف تمييز الخدمات التجارية التي يقدمها عن مثيلاتها في الأسواق التجارية. وبمعنى اخر، فالإسم التجاري يثبت هوية التاجر أو المنتج بالنسبة لمجمل أعماله.

يقتضي التمييز بين نوعين من الأسماء التجارية؛ النوع الأول وهو الإسم التجاري المميّز أو الجديد والمبتكر الذي ينمّ عن جهد وإبداع لم يسبق لأحد اعتماده في التجارة أو الصناعة ولا يقتصر على لفظ شائع أو مشترك وهذا الإسم وحده يستطيع شخص ما طبيعي أو معنوي الإدعاء بحق ملكيته أو حق إستعماله. أما النوع الثاني فهو الإسم التجاري غير المبتكر وغير الفريد والشائع والمشترك وهذا الإسم لا يستطيع أحد الإدّعاء بملكيته أو حق إستعماله لوحده ومن ضمن النوع الثاني من الإسم التجاري يندرج الأسماء التجارية التي يستعمل التاجر أو صاحب المصنع إسمه الشخصي أو إسم عائلته.

يختلف الإسم التجاري في تعريفه عن العلامة التجارية الفارقة التي ترتبط بالمنتج بحدّ ذاته، وتعتبر الهويّة التي تخرج فيها المنتجات إلى الأسواق التجارية وهي تميّزها عن مثيلاتها من المنتجات أي تعتبر الإشارة التي ترمي إلى إظهار ماهية المنتجات ومصدرها، ويالتالي هي الرابط في ذهن المستهلك العادي بين المنتج ومصدره.

ولكن قد تختلط الماركة التجارية بالإسم التجاري وذلك في الحالات التي لا يدخل فيها إسم شخص ما في تكوين الإسم التجاري كما في الشركات المساهمة والشركات المحدودة المسؤولية التي قد تطلق عليها تسمية مبتكرة. كما قد تختلط بالشعار Enseigne الذي تستخدمه الشركة لتمييزها عن غيرها. وإن الشعار هو صورة خاصة من الإسم التجاري كما يتضح عملاً من نص المادة /715/ من قانون العقوبات  إذ أنه قد يرمز كما هو شأن العلامة الفارقة والإسم التجاري إلى تسمية مبتكرة تنفرد بها الشركة التجارية لتعريف ذاتها أمام جمهور المستهلكين.

في هذه الدراسة، سوف نتطرّق إلى صاحب الحق بملكية الإسم التجاري والشروط الواجب توافرها لتمتّع الأسماء التجارية بالحماية القانونية المنصوص عليها في القرار رقم 2385/24 المتعلق بنظام الملكية التجارية والصناعية وقانون العقوبات اللبناني وإتفاقية إتحاد باريس المتعلقة بحماية الملكية الصناعية والتجارية.

الحق بملكية الإسم التجاري

إن الحق بملكية الإسم التجاري ينشأ من إستعماله إستعمالاً فعلياً وعلنياً، وإن مجرد تسجيله في السجل التجاري هو معلن لهذه الملكية وليس منشىء لها، وإن هذا التسجيل لا يشكّل الإستعمال الفعلي وبالتالي يعتبراً مالكاً للإسم التجاري صاحب الأسبقية في الإستعمال.

لقد إستقرّ إجتهاد محكمة التمييز المدنية في قرارها رقم 20 الصادر بتاريخ 8/2/2000 على هذا الرأي وقضي أن اكتساب ملكية الإسم التجاري يتم بأسبقية الإستعمال لا التسجيل بحيث أن ملكية الإسم التجاري وهو شيء مباح تكتسب بالإستعمال وليس بالتسجيل الذي يقتصر دوره على إعلان الحق لا إنشائه.

وفي السياق عينه، أصدرت محكمة البداية في بيروت، قراراً برقم 520 بتاريخ 9/3/1999، حيث قضت«أنه يستفاد من أحكام المادتين المادتين 73 و74 من القرار 2385/24 المتعلق الملكية التجارية والصناعية، أن الحق بملكية الإسم التجاري والعلامة الفارقة ينشأ في استعمالهما استعمالاً فعلياً وعلنياً، وإن تسجيلهما في مكتب حماية الملكية التجارية والصناعية أو في السجل التجاري هو معلن لهذه الملكية وليس منشئاً لها، وان هذا التسجيل لا يشكل الاستعمال الفعلي بمفهوم الأحكام المذكورة. ويكون بالتالي مالكاً لهما صاحب الأسبقية في الاستعمال».

ولكن، قد ينتفي الحق بملكية الإسم التجاري كما ينتفي الحق بحمايته عند الإكتفاء بتسجيله دون استعماله أو استثماره بأي شكل بأي شكل فعلي أو علني.

أضف إلى ذاك، أن الإسم التجاري يمكن أن يكون محلاًّ لحق الملكية وهو قابل للإنتقال، فإن تداوله عن طريق التنازل عنه أو بيعه هو جائز حتى ولو كان مؤلفاً من الإسم العائلي للبائع أو المتنازل، وفي حال إنتقال الإسم التجاري، تكون العبرة في تحديد الأسبقية للإستعمال الأول بحيث أن من يستعمل الإسم والعلامة الفارقة يستعملها كامتداد للإستعمال الأول، ويعتبر مستعملاً منذ هذا التاريخ.( محكمة الاستئناف المدنية في جبل لبنان، قرار رقم 10، صادر بتاريخ 17/1/2013، دعوى شركة لالا تشيكن ش.م.م/شركة سندويش لالا ش.م.م، صادرلكس البوابة الإلكترونية، المنشورات الحقوقية صادر).

   

شروط الحماية القانونية للإسم التجاري

يتمتع الإسم التجاري بالحماية القانونية، في حال أسبقية إستعماله من قبل صاحبه، ولقد عاقبت المادة 110 من القرار رقم 2385/24 الصادر بتاريخ 17/1/1924 والمتعلق بنظام الملكية التجارية والصناعية كما المواد 715 إلى 717 من قانون العقوبات البناني على جريمة إغتصاب الإسم التجاري، بمعزل عن أي تسجيل أو نشر له ودون اشتراط توافر عنصر الضرر، أضف إلى أن المادة الثامنة من اتفاقية إتحاد باريس المتعلقة بحماية الملكية الصناعية والتجارية قد أقرّت الحماية القانونية للإسم التجاري ونصّت على أن «يحمى الاسم التجاري في جميع البلدان المتحدة بدون شرط الإيداع أو التسجيل وسواء دخل أم لا في ماركة فبركة أو ماركة تجارة.

وتجدر الإشارة أنه إذا كان تجريم تقليد الماركة والعلامات الفارقة يشترط تسجيلها ونشرها وفقاً للقوانين المرعية الإجراء، فإن الأمر هو على خلاف ذلك فيما خص الإسم التجاري الذي يبقى إغتصابه خاضعاً للتجريم بمقتضى المادة 716 عقوبات بمعزل عن أي تسجيل أو نشر له ما لم يثبت الفاعل حسن نيته وفقاً لما تقتضيه المادة 717 من القانون المذكور. وذلك لأن المادة 716 من قانون العقوبات اللبناني لم تشترط فيما خص الإسم التجاري التسجيل والنشر لإعمال أحكامها خلافاً للمادتين 701 و710 من قانون العقوبات.إذاً، لا يمكن في إطار تطبيق أحكام المادة 716 من قانون العقوبات التذرع لتقويض أحكامها بالمواد 72 و79 من القرار رقم 2385 تاريخ 17/1/1924 ولا بالمادة 105 منه كونها تتعلق بالماركة ولا شأن لها بالإسم التجاري.

إن الحماية القانونية المقررة للأسماء التجارية تهدف إلى منع الغير من الإعتداء على حقّ مالكها، وذلك من خلال إقامة دعوى المنافسة غير المشروعة أو الطفيلية أو دعوى إغتصاب الإسم التجاري والمزاحمة الإحتيالية، وقد يأخذ التعدي أوجه متعدّدة منها؛ إستعمال الإسم التجاري مع العلم بأنه مملوك من الغير، أي إستعماله دون ترخيص أو موافقة مالكه أو الإستمرار باستعماله بعد إنهاء الترخيص، بحيث يصبح إستعمالا دون مسوغ قانوني أو على سبيل الغصب.   

  • الحماية المدنية للإسم التجاري: دعوى المنافسة غير المشروعة، أو الطفيلية.

إن الحماية المدنية التي يتمتع بها الإسم التجاري تتمّ عن طريق دعوى المنافسة غير المشروعة التي نصّت عليها المادة 97 من المرسوم رقم 2385/24 الصادر بتاريخ 17/1/1924 المتعلق بنظام حقوق الملكية التجارية والصناعية بحيث تعتبر مزاحمة غير قانونية كل مخالفة لهذا القرار ينقصها أحد الشروط للتمكن من تطبيق العقوبات المنصوص عليها في الباب السادس من القرار المذكور، وكل عمل يعطي المحاكم حرية النظر فيه، ويظهر لها أنه من المزاحمة غير القانونية.

إن الشروط الواجب توافرها لتحقق جرم المنافسة غير المشروعة تتمثّل في الشرط الأول أي وجود حالة مزاحمة بين طرفيّ النزاع، ويفترض في ذلك وحدة أو تشابه النشاط التجاري. والشرط الثاني إرتكاب الغاصب لفعل من أفعال المنافسة غير المشروعة، ويتضمن هذا الفعل عنصرين: عنصراً مادياً ويتمثل في الوسيلة غير المشروعة أي تلك التي لا تتوافق مع الأعراف التجارية والأخلاقية وحسن التعامل بين التجار، وعنصراً معنوياً يتمثل في تحويل زبائن الغير واجتناء الارباح غير المحقة على حساب مالك الاسم التجاري، بالإضافة إلى الشرط الثالث أي تحقق الضرر الذي لحق بمصالح الغير أو الضرر الذي يحتمل وقوعه في المستقبل.

أما لناحية تقدير أفعال المزاحمة غير المشروعة، فلقد اعتمد المشترع تحديداً في المادة 97 من القرار رقم 2385/24 المتعلق بالملكية التجارية والصناعية معياراً واسعاً تاركا للقضاء مهمة التقدير بحيث استقرّ الإجتهاد في العديد من القرارات إلى اعتماد المعيار الواقعي والاخلاقي في هذا الصدد معتبرا أن كل تصرّف يتخطى حدود الأعراف والعادات التجارية السليمة بين التجار يشكل خطأ يندرج ضمن مفهوم المزاحمة غير المشروعة، وذلك دون اقامة أي تفريق بين خطأ مقصود واخر غير مقصود، ويعتبر إستعمال اسم تجاري يخص الغير فعلاً من أفعال المنافسة غير المشروعة لأنه لا يتماشى مع الأعراف والعادات التجارية السليمة، وقد يؤدي إلى خلق الإلتباس في ذهن الشخص العادي المتوسط الحرص.

 أما  سوء النية فلا يشترط توافرها في الدعوى المدنية بالمنافسة غير المشروعة وقد استقر الإجتهاد على هذا الرأي قرار محكمة التمييز تاريخ 8/1/1960 مجموعة باز 8  ص 58 رقم 2- محكمة الإستئناف في بيروت تاريخ 15/2م1966-حاتم-ج68 ص 58 رقم 2 وقراري محكمة استئناف الجنح في جبل لبنان-بعبدا تاريخ 3/5/1993-العدل 1993 عدد 1 ص 113

يستفاد مما ذكر انفاً أن قبول الدعوى المدنية بالمنافسة غير المشروعة لا يشترط توفر سوء النية لدى الشخص الموجهة ضده الدعوى المذكورة، فجرم المزاحمة غير المشروعة يكتمل بمجرد إقدام تاجر على استعمال إسم تجاري مملوك من الغير، بصرف النظر ما إذا كان هذا الاستعمال جرى عن حسن نية أم عن سوء نية ذلك لأن مخالفة السلوك التجاري الصحيح من قبل أحدهم باستعماله إسم تجاري يخص الغير يشكل جرم المنافسة غير المشروعة حتى ولو كان عن حسن نية، ولو لم يلحق بمالك الإسم التجاري أي ضرر.

إذاً، المبدأ هو نسبية دعوى المزاحمة غير المشروعة وتخصّصهاPrincipe De La spécialité )  ). فالشرط الأول لإقامتها هو قيام حالة مزاحمة بين أفرقاء النزاع. ويفترض ذلك أن يمارس المتنازعون نشاطاً مهنياً مماثلاً أو مشابهاً ولو في بعض جوانبه. إلا أنه يلاحظ أن اختلاف نوع النشاط يكون ذا قيمة لردّ دعوى المزاحمة غير المشروعة عندما يكون الإسم التجاري المغتصب ما يزال في بدء رواجه وشهرته.

 أما محكمة البداية في بيروت فلقد ذهبت إلى القول أنه عندما يصبح هذا الإسم شائعاً فانه لا يبقى مجالاً للإعتداد بنوع النشاط  كمعيار لتقدير توافر حالة المزاحمة للاسباب التالية:

  • لتأمين حماية الأسماء الشهيرة التي لأصحابها مصلحة في درء الإبتذال عنه (يراجع – مؤلف القاضي جوزف نخله سماحة المزاحمة غير المشروعة دراسة قانونية مقارنة-1991 ص 171 وهامشها رقم 3/ ومحكمة بداية لبنان الجنوبي حكم رقم 10 تاريخ 14 شيلط 194- مصنف الرئيس عفيف شمس الدين في الإجتهاد التجاري 1995 ص 126).
  • ولأن المغتصب في مطلق الأحوال، يستفيد باستقطابه للزبائن، من الشهرة والسمعة الطيبة التي اكتسبها الغير نتيجة جهده الشخصي وذلك في سبيل ترويج بضاعته دون تعب أو عناء (يراجع- محكمة الدرجة الأولى في بيروت-الغرفة الرابعة التجارية، القرار رقم 114 تاريخ 10/4/91- العدل 90-91 ص 250-251).
  • ولأن الإختلاف في نوع النشاط أو الخدمات التي تقدّم لا يحول دون اعتقاد المستهلك ان إسم المغتصب هو نفس الإسم المغتصب الذي يعرفه وإن صاحب هذا الأخير قد وسّع دائرة تجارته ونوع سلعه، أو أن المؤسسة أو الشركة الثانية هي الفرع او تابعة للأولى (يراجع -إستئناف بيروت الأولى رقم 364 تاريخ 3/5/93 الذي صدّق الحكم البدائي الصادر عن محكمة بيروت التجارية – الغرفة الثالثة الصادر بتاريخ 31/3/1992 رقم 100/12715- شمس الدين المصنف التجاري 95 ص 131/ و جوزف سماحة المرجع نفسه ص 88/98)، وبداية بيروت، الغرفة الثالثة، قرار رقم 43/97 صادر بتاريخ 3/1/1997، دعوى بنك لبنان والمهجر/ليبان أوترمار ش.م.م، المرجع في اجتهادات الملكية الفكرية، ص 412، المنشورات الحقوقية صادر2006).

ومن ناحية أخرى، لقد أظهر التطور الحاصل في النشاطات الإقتصادية أن عدم المشروعية في التعامل التجاري لا يقتصر بالضرورة على تحويل زبائن الغير بحيث أن عدم المشروعية تتأتى من تصرفات مشروع معين تجاه مشروع اخر غير منافس له وليس بينهما زبائن مشتركون، وهنا برزت الطفيلية بحيث أنه في حال إنتفاء شروط المزاحمة غير المشروعة عند اختلاف نوع النشاط التجاري، فإن القيام بتصرفات طفيلية تتمثل بالإستفادة من رواج الإسم التجاري وشهرته يعتبر من قبيل الفعل غير المباح بمفهوم المادة 122 من قانون الموجبات والعقود اللبناني.

ولقد عرّف الفقه الطفيلي بأنه الذي يتظلّل بأثر الغير مستفيداً من الجهود التي قام بها هذا الأخير ومن سمعة وشهرة الغير، وتتمثل التصرفات الطفيلية بإقدام شخص على الإفادة من قيم إقتصادية حقّقها مشروع معين، بحيث أن المشروع الذي يتعرض للطفيلية يخلق ويكتسب مهارات معينة وتقنيات محدّدة، تسمح له بأن يستثمرها بشكل يعطيه أفضلية تنافسية على إقرانه، فيأتي الطّفيلي ويحاول الإستفادة من تلك المهارات أو التقنيات التي لم يكن له أي دور في خلقها أو ابتداعها أو ذيوع صيتها وذلك عبر قيامه بتصرفات واحتذائه سلوك صاحب المشروع الأول أو غصب عمله أو غصب إسمه أو شهرته.

إن المسؤولية تتحقق بمجرد محاولة الاستفادة من جهود أي نشاط أو مشروع ذات شهرة واسعة وسمعة طيبة وقضي حيث أن الفكرة الاساسية التي تقوم عليها فكرة معاقبة التصرفات الطفيلية تنطلق من كون الحماية يفترض أن تؤمن لأي نشاط أو مشروع اكتسب شهرة واسعة وسمعة طيّبة بفضل جهوده الناجحة واستقامته في التعامل بحيث أنه إذا حاول الغير الاستفادة من تلك السمعة والشهرة بدون اي مقابل فتربط مسؤوليته حتى ولو لم يدخل في منافسة مع المشروع الأول بالنسبة لزبائنه.

ولقد استقر الإجتهاد على أن استعمال اسم تجاري مشهور بغرض الاستفادة من شهرته  يشكل تصرّفاً طفيلياً في كل مرة يسمح للمستعمل بالإستفادة من دون مقابل من الصيت الذي اكتسبه الغير بعمل فكري أو مهارة أو استثمارات دعائية، اذ أن القيمة الإقتصادية لمشروع إقتصادي تقوم على مهارته التي بفضلها يكتسب شهرة وسمعة ويحاول الطفيلي الإستفادة منها دون أن يكون قد بذل أية جهود مالية أو فكرية في بلوغها.(بداية جبل لبنان، الغرفة الثانية، قرار رقم 23، صادر بتاريخ 30/10/2000، دعوى البتك المتحد للأعمال ش.م.م/الشركة المتحدة للأعمال ش.م.م ورفاقها، المرجع في إجتهادات الملكية الفكرية، ص 446، المنشورات الحقوقية صادر،2006).

وتجدر الاشارة في سياق هذا البحث، أنه يجب التفريق بين دعوى المنافسة غير المشروعة ودعوى التعدي على الإسم التجاري التي ترمي الى حماية هذا الإسم من كل تقليد أو إغتصاب لاعتباره حقاً من حقوق الملكية المعنوية الجديرة بالحماية القانونية وذلك بصرف النظر عن وحدة الموضوع أو النشاط التجاري ودون حاجة إلى إثبات حصول خطأ من الغاصب أو وقوع ضرر بمالك الاسم التجاري.

ب-الحماية الجزائية للإسم التجاري: دعوى إغتصاب الإسم التجاري، والمزاحمة الاحتيالية.

إن الإسم التجاري المقصود بالحماية الجزائية يجب أن يتّخذ صفة العلامة (شعار أو إسم أو كنية...) أي أن يستعمل كعلامة تجارية أو صناعية وأن يكون له شكلاً معيناً يميّزه عن غيره إن لجهة طريقة كتابته أو باضافة رموز عليه أو رسوم.(إستئناف الجنح في جبل لبنان-بعبدا، قرار رقم 185، صادر بتاريخ 21/5/2002، دعوى حسن حمادة وفضل معتوق/شركة معتوق، صادرلكس لبنان البوابة القانونية الإلكترونية).

تتحقق جريمة إغتصاب الإسم التجاري  بتوافر عناصر ثلاث؛ أن يكون موضوع الجرم إسم تجاري يخصّ الغير، والعنصر المادي المتمثل بإقدام شخص طبيعي أو معنوي على القيام وعلى سبيل المثال بوضع الإسم على منشوراته أو إعلاناته أو فواتيره وذلك بالرغم من تحقّق أسبقية في استعمال هذا الإسم لسواه. أما العنصر المعنوي يتمثّل بسوء النية، مع الإشارة الى أن سوء النية مفترض في جريمة إغتصاب الإسم التجاري.

 إن العبرة في تحقّق جريمة إغتصاب الإسم التجاري هي في خلق الإلتباس في ذهن الجمهور سواء كان هذا الإلتباس ناجماً عن تشابه الأسماء التجارية أو كان الإسم محرّفاً متى تحقّقت المشابهة الإجمالية التي تحمل على الإلتباس.

إن جريمة إغتصاب الإسم التجاري لا تتطلّب من أجل تكوين عناصرها أن يكون هناك تطابق بين الإسمين التجاريين بل يكتفى فقط بوجود المشابهة الاجمالية في المظهر العام للإسمين الذي ينطبع في ذهن المستهلك العادي دون الإعتداد بالفوارق الجزئية بين الإسمين، وأن تكون نيّة الغاصب متّجهة إلى إحداث الإلتباس في ذهن المستهلك المتوسط الحرص من أجل الافادة من شهرة الإسم التجاري المغتصب.

لقد أوجدت المادة 717 من قانون العقوبات اللبناني قرينة على سوء النية في جرم اغتصاب الإسم التجاري فاعتبرتها متحقّقة ما لم يبين الفاعل ما يثبت خلاف ذلك مما يبنى عليه أن سوء النية هو مفترض في جريمة إغتصاب الإسم التجاري.

وإن تحقّق عنصر الإغتصاب للإسم التجاري يكفي أن يكون الغاصب قد عمد عن قصد إلى إستعمال إسم تجاري يخص الغير عن طريق وضعه على منشوراته أو اعلاناته او فواتيره دون حاجة لاثبات سوء نيته.

وتجدر الإشارة، إلى أنه لا يتوجب على مالك الإسم التجاري  أن يبيّن عناصر الضرر الذي لحق به من جراء إستعمال إسمه التجاري إذ أن ثبوت تحقق إغتصاب الإسم التجاري عن طريق استعماله يؤلف بذاته ضرراً مستوجباً للتعويض.

أما إجتهاد محكمة التمييز الجزائية فلقد استقر على كفاية العنصر المتمثل باغتصاب الإسم التجاري لقيام جرم اغتصايه دون اشتراط توافر عنصر الضرر وقضي أنه حيث ان المادة 716 من قانون العقوبات لم تشترط توافر عنصر الضرر لإعمال أحكامها مكتفية لذلك بتوافر العنصر المتمثل باغتصاب الإسم التجاري.

وأضاف إجتهاد هذه المحكمة، أنه ليس ما يلزم المتضرر أن يصنف الاضرار التي لحقت به بين ضرر مادي أو معنوي فيكفي للحكم له بالعطل والضرر أن يكون قدّم البيّنة على الأضرار التي لحقت به بشكل يمكن المحكمة من تقديرها. وتجرد الاشارة، الى أن اجتذاب زبائن المحل وما ينتج عنه من خسائر مادية ومعنوية هي من الاضرار الناتجة عن اغتصاي الاسم التجاري المستوجب التعويض عنها.(تمييز، الغرفة السادسة الجزائية، قرار رقم 176، صادر بتاريخ 16/11/200، دعوى شركة مدماك وحميصي واللوزة/الحق العام وشركة مدماك، صادرلكس البوابة القانونية الإلكترونية).  

أما في ما يتعلق بجريمة المزاحمة الإحتيالية فلقد نصت عليها المادة 714 من قانون العقوبات اللبناني واعتبرت أنه يجب لتوافر عناصر المزاحمة الاحتيالية أن يتوافر ركنان أساسيان:

الركن المادي الذي يتألف من عنصر إستخدام الفاعل وسائل معينة وبلوغ غاية محددة بغية تحويل زبائن الغير وتحقيق الربح،

الركن المعنوي الذي يتوفر بثبوت معرفة الفاعل بعدم مشروعية عمله وباتجاه نيته الى ارتكاب الفعل رغم ذلك، وثبوت رغبته في تحويل زبائن الغير بقصد الحاق الضرر بالغير.

وتفترض جنحة المزاحمة الاحتيالية قانوناً لاكتمال عناصرها تحقق الركن المادي المتمثل بارتكاب الفاعل وسائل الغش او الادعاءات الكاذبة او التلميح، اضافة الى توافر الركن المعنوي الذي يتخذ مظهر القصد الجرمي بشقيه العام والخاص، ويتمثل القصد الخاص بانصراف ارادة الفاعل عن سوء نية على تحويل زبائن الغير اليه من خلال اعتماده الطرق الملتوية المبينة اعلاه والتي من شأنها ان توقع المستهلك في الغلط.

ختاماً، تعتبر الأسماء التجارية من ضمن الأصول الأكثر تميّزاً لدى الأفراد والشركات لأنها الهوية التي يزاولون تحتها أنشطتهم التجارية، بحيث يستعملون أسماءهم التجارية في إعلاناتهم ومنشوراتهم وخدماتهم التجارية وعلى مواقعهم الإلكترونية لتحدّد مشروعهم التجاري وتضفي عليه تميزاً وتفرداً في مواجهة منافسيهم الذين يزاولون نشاطاً تجارياً مماثلاً لهم في الأسواق المحلية والعالمية. من خلال الأسماء التجارية، يتعرف الزبائن والمستهلكين على هوية التاجر سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً. لذلك نرى اليوم، أن أصحاب المشاريع التجارية وحتى الناشئة منها يولون إهتماماً كبيراً للأسماء التجارية ولتوفير الحماية القانونية لها المنصوص عليها في نظام الملكية التجارية وقانون العقوبات اللبناني واتفاقية معاهدة باريس المتعلقة بحماية الملكية الصناعية والتجارية، من خلال استعمال اسمائهم التجارية واستثمارها بشكل فعلي وعلني لإثبات حقهم في ملكيتها وحمايتها، بالإضافة إلى توسل كافة الإجراءات القانونية لمنع الغير من الإعتداء عليها.

لتحميل النسخة الكاملة من الدراسة، الرجاء الضغط على الرابط التالي: PDF

المراجع:

صادرلكس لبنان البوابة القانونية الإلكترونية. https://lebanon.saderlex.com

المرجع في إجتهادات الملكية الفكرية، المحامي راني صادر، المنشورات الحقوقية صادر،2006.

القانون التجاري، الإسم التجاري، دكتور مصطفى كمال طه.

https://www.lexisnexis.com/legalnewsroom/lexis-hub/b/commentary/posts/trade-name-vs-trade-mark



×