حقوق الملكيّة الفكريّة في الصناعة الرياضيّة

حقوق الملكيّة الفكريّة في الصناعة الرياضيّة
حقوق الملكيّة الفكريّة   الصناعة الرياضيّة  الرياضة

PDF

 

 

بدأت لعبًة للفقراء قبل أن يحتكرها الأَغنياء لتبرم الصفقات فيها بمئات ملايين الدولارات وتقدَّر العلامات التجاريّة لأنديتها بالمليارات. إنَّها الرياضة التي دخلت مؤخَّرًا مجال الصناعة وأَصبحت ملاذًا آمنًا لأصحاب الثَروات وانعكس ذلكَ بشكلٍ مباشر على الإِقتصاد الدولي، الأَمر الذي جعلها محطّ أنظار رجال الأعمال والشركات التجارية التي تسعى إلى تحقيق مكاسب ماليّة كبرى كون الرياضة تجذب المستثمرين والمتموّلين.

لقَد أصبحت الرياضة مؤخرًا مصدرًا لتحرّك أموال طائلة تعتمد عليها إِقتصادات دول كما أنَّ أنديتها تضاهي في ميزانيّتها أكبر الشركات ويستثمر فيها السياسيّون والأثرياء وذلك من خلال تجارة الحصص والأسهم في الشركات الرياضية بالإِضافة إِلى عقود الرعاية (SPONSORSHIP)  وعقود الدعم والتسويق وحقوق البثّ والمشاهدة وصناعة السلع الرياضيّة بحيث أصبح تنظيم الأحداث والمنافسات الرياضيّة في صلب إِهتمامات الشركات المتعدّدة الجنسيّات التي تتخطى ميزانيّاتها بعض الدّول.

وتأسيسًا على ذلك، يمكننا القول أنّ الرياضة صناعة عالمية تعتمد على حقوق الدور البارز لاستخدام  حقوق الملكيَّة الفكرية التي تحيل إِلى الإِبداعات والابتكارات التي ينتجها العقل البشري. وتشمل الملكيّة الفكريّة مجموعة واسعة من الأَعمال التي تؤَدي دورًا مهمًّا في نواحي الحياة الإِقتصاديّة والثقافيّة على حدٍّ سواء، وتعتبر الملكيّة الفكريّة من الحقوق المعنويّة غير المحسوسة التي لطالما لحظتها العديد من النظم القانونيّة منذ القرن الخامس عشر وصولًا لإِتفاقيّة باريس لحماية الملكية الصناعية عام 1883 واتفاقيّة برن لحماية المصنّفات الأَدبيّة والفنيّة عام 1886 التي انضم اليهما لبنان بالاضافة الى قوانينه المتعلقة بالملكية الفكرية ونذكر منها القانون رقم 75/99 المتعلق بالملكية الأدبية والفنية والقانون رقم 2385/24 المتعلق بالملكية التجارية والصناعية والقانون رقم 240/2000 المتعلق ببراءات الاختراع.

أما على الصعيد الدولي، يحفل سجل المعاهدات في عالمنا اليوم بأكثر من 25 معاهدة دوليّة بشأن الملكيّة الفكريّة تحت إِدارة المنظمة العالمية للملكية الفكرية /WIPO/، التي تضطلع بدور ريادي في إرساء نظام متوازن وفعّال للملكية الفكرية يحفز على الابداع وحماية الابتكار ويضمن حقوق المبدعين وأصحاب الملكية الفكرية في جميع أنحاء العالم، ونظرًا لأهمية حقوق الملكية الفكرية وأثرها على النمو الاقتصادي تعتبر حقوق الملكيّة الفكريّة مصونة أيضًا بموجب الإِعلان العالمي لحقوق الإِنسان.

من خلال هذه الدراسة سنتطرق الى بعض من حقوق الملكية الفكريّة ودورها في عالم الرياضة الذي يعتمد على هذه الحقوق كأداة أساسيّة تمكّنه من توليد عائد ومردود مالي ضخم، وتحقيقًا لهذا الغرض سنقسم بحثنا إلى قسمين: القسم الأول نتناول فيه الملكيّة الصناعيّة من خلال العلامات التجاريّة الرياضيّة والتصاميم الصناعيّة وبراءات الإِختراع والقسم الثاني نعالج فيه الحقوق المجاورة المتمثلة بحقوق البث الرياضي.

 

القسم الأوّل: العلامات التجاريّة الرياضيّة والتصاميم الصناعيّة وبراءات الإختِراع

يمكن تعريف العلامة التجاريّة على أنّها إشارة تميّز سلعًا أو خدماتًا تنتجها مؤسسة ما عن تلك التي تنتجها مؤسسات أخرى. وقد وجدت العلامات التجاريّة منذ سنواتٍ خلت بدًأ من العصور القديمة حتى أيامنا الحاليّة وتطوّرت القوانين التي ترعاها تدريجيًّا لتصبح على ما هي عليه اليوم. وتعدّ العلامات التجاريّة ضروريّة في عالم الأعمال وتأخذ أشكالًا عديدة وتحدد مجموعة كبيرة من السلع والخدمات. وتنفق الشركات مبالغ كبيرة وتستثمر الوقت الطويل في تطوير العلامات التجاريّة الخاصّة بها.

ومن الجائز استخدام جميع أنواع الإِشارات كعلامة تجاريّة- من كلمات وحروف وأرقام ورموز وألوان وصور وإِشارات مجسّمة ثلاثيّة الأبعاد. ولكي تتمتع العلامات التجارية بالحماية القانونية المقررة لها بموجب قوانين الملكية الفكرية والمعاهدات الدولية ذات الصلة، يقتضي أن يتوفر فيها صفتي التميّز والابتكار وأن لا تشكل تقليدًا أو احتذاءً بقصد الغش بعلامة تجارية أخرى مسجّلة أَو مستخدمة من الغير أو منافسة غير مشروعة لها.

وتجدر الاشارة في هذا السياق، أنه من الجائز منح العلامات التجاريّة حمايًة وطنيًّة وحمايًة إقليميّة دوليّة. ولا بدَّ من الإِشارة إلى أنّ الأنظمة الإِقليميّة والدوليّة قد طوّرت لتيسير الحصول على حماية العلامات التجاريّة في العديد من البلدان وذلك من خلال نظام التسجيل الدَولي للعلامات التجاريّة إستنادًا إلى نظام مدريد من خلال الويبو/WIPO/، الذي يوفرّ حمايًة للعلامة التجاريّة في العديد من البلدان التي انضمّت إِلى هذا النظام. أما في لبنان، فان تسجيل العلامة التجارية يتّم من خلال ايداعها لدى مصلحة حماية الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان تمهيدًا لنشرها وفقًا للاصول وان مدة الحماية هي خمسة عشر سنة قابلة للتجديد.

ومن الجدير ذكره في هذا السياق أنه تلعب العلامات التجارية دورًا بارزًا في عالم صناعة الرياضة اذ أنّ الإِستخدام الاستراتيجي للعلامات التجاريّة يمكن أَن يفضي إِلى إِيراداتٍ كبيرَة تغطي تكاليف تنظيم هذه الأحداث على اختلافها، بخاصة أن تنظيم حدث رياضي ضخم يتطلب مبالغ مالية طائلة لتنظيمه.

 ونظرًا لارتباط عشاق الرياضة ومتابعي الأحداث الرياضيّة بعلاقة عاطفيّة عميقة مع الفرق والبطولات والمسابقات التي يتابعونها، تعمل الأنديَة على الإِستفادة من علاماتها التجاريّة وولاء مشجّعيها عن طريق عَقد العديد من الصفقات التي تدرّ لها عشرات الملايين من الدولارات وذلك من خلال إبرام مجموعة من العقود سنقوم بتعدادها على النحو التالي:

  1.  عقود الرعاية الرياضيّة

تستند عقود الرعاية الرياضيّة إِلى حقوق العلامات التجاريّة التي يمكن أن تجلب أرباحًا خياليّة. وإِدراكًا لجاذبية الرياضة ومدى قوتها العالمية كمنصة للتسويق فإِن الشركات في العديد من القطاعات تتوجّه نحوها لتسويق والتعريف بمنتجاتها بين صفوف المتابعين وزيادة المبيعات. ونتيجة لحداثة فكرة الرعاية الرياضية فقد اختلف الرأي حول تعريفها، ونحن نرى أنها عبارة عن قيام شخص طبيعي أو معنوي بدعم نشاط شخصي معيّن من الناحية الإقتصادية كقيامه بتوفير الدعم النقدي أو التعهّد مقابل قيام المدعوم بخلق صورة جيدة للراعي وزيادة نطاق شهرته. وإذا أخذنا رياضة كرة القدم التي تعتبر اللعبة الأكثر رواجًا، فإننا نلاحظ أَن نوادي كرة القدم تتخذ من قمصانها لوحة إعلان متحركة ومن ملاعبها ساحة للترويج للعلامات التجارية المتعاقدة معها. وعلى سبيل المثال فإِن نادي ريال مَدريد يمتلك عقدًا خياليًّا مع طيران الإِمارات مدّته خمس مواسم يحصل فيها على /82,5/ مليون دولار في كل موسم، يليه نادي توتنهام بعقدٍ مع شركة التأمين ((AIA  بِـ /50/ مليون دولار في كل موسم، ثم نادي مانشستر يونايتد الذي وقّع عقدًا جديدًا مطلع الموسم الحالي مع شركة (TEAM VIEWER) يستمر خمسة مواسم ويزوّد خزانة النادي ب /47/ مليون جنيه استرليني كل موسم.

بالإضافة إِلى ذلك تستغل الأندية أحيانًا كل ما يرتبط بها وقد تصل إلى درجة تغيير إسم ملعبها ومثال ذلك نادٍ مثل أرسنال الإنجليزي لم يكتف بتوقيع عقد رعاية مع طيران الإمارات بل إنه أطلق على ملعبه الذي بناه عام 2006 اسم "إستاد الإِمارات" بعد أن اشترت الشركة حقوق الاسم في عقود تستمر حتى عام 2028.

ونظرًا لأهمية العلامات التجارية التي تعتبر أدوات تسويقية لا غنى عنها في عالم الرياضة والتي يتيح استخدامها الإستراتيجي فرصًا تجارية كبيرة لتوليد الدخل فقد لحظها الميثاق الأولمبي للجنة الأولمبية الدَولية (IOC) والذي أتاح للشركات المشاركة في البرنامج الأولمبي فرصة تحقيق إيرادات مالية ضخمة تصل إلى 40% من إيرادات الألعاب الأولمبية.

وانطلاقًا من ذلك فقد نظم الميثاق الأولمبي للجنة الأولمبية الدولية كيفية استخدام العلامات التجارية والدعاية التسويقية فوق المدّرجات وأرض الملاعب ومناطق المنافسة أثناء انعقاد الألعاب الأولمبية حيث لا يجوز وضع أي نوع من الإِعلانات واللافتات التجارية إلا بعد الاستحصال على إذن خطي من المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية. وهذا ما أكَّدت عليه الفقرة الأولى من المادة /50/ من الميثاق الأولمبي بالنسخة الأخيرة منه والمعدّلة والتي دخلت حيّز التنفيذ في 8 حزيران من العام 2021 والتي نَصَّت على التالي:

Advertising, demonstrations, propaganda

1 Except as may be authorized by the IOC Executive Board on an exceptional basis, no form of advertising or other publicity shall be allowed in and above the stadia, venues and other competition areas which are considered as part of the Olympic sites. Commercial installations and advertising signs shall not be allowed in the stadia, venues or other sports grounds.”

بالإضافة إِلى ذلك تقوم اللجنة الأولمبية الدولية بحماية شارتها على الصعيدين الوطني والدولي ولا يجوز استخدام هذا الشعار إلا بإذٍن خطي من اللجنة الأولمبية الدولية وهذا ما شدَّدت عليه الفقرة الرابعة من المادة/50/ من الميثاق الأولمبي التي جاء في مضمونها التالي:

4 The OCOG shall ensure the protection of the property of the emblem and the mascot of the Olympic Games for the benefit of the IOC, both nationally and internationally.”

  1. : عقود التسويق الرياضية

عامل مهم تعتمد عليه الأندية لرفد خزائنها بعشرات ملايين الدولارات سنويًا يستهدف ذوق المشجّع وإعجابه بتصميم القميص للموسم الجديد، وانطلاقا من ذلك تستخدم العديد من المنظَّمات الرياضية علاماتها التجارية وحقوق الملكية الفكرية الأخرى لإضافة قيمة لعلامتها التجارية من خلال ترخيصها للغير لإنتاج السلع بما في ذلك الملابس والإكسسوارات والأحذية وغيرها. فالشركات المسوقة مثل ADIDAS و NIKE تشتري حقوق قميص الفريق بعقوٍد طويلة الأمد ثم تصنعها في مصانعها وتبيعها في متاجرها ومتاجر النادي المنتشرة حول العالم وهو ما يعطيها الحق في نيل النسبة الكبرى من الأرباح مع الإشارة إلى أنه ترتفع نسبة المبيعات بحسب شهرة الفريق وثقل أسماء اللاعبين في صفوفه.

أما بالنسبة إلى التصاميم الصناعية الرياضية وبراءات الاختراع، فالأولى تشمل عناصر المنتج الجمالية أو الزخرفية من خلال الشكل والمظهر، فقد يصادف المستهلك مثلًا مجموعة هائلة من المنتجات التي تقدم الوظيفة الأساسية نفسها وبالتالي سوف يميل إلى اختيار المنتج المصمم بكثير من الجاذبية ضمن نطاق قدرته الشرائية. وتنطبق التصاميم الصناعية على مجموعة متنوعة من المنتجات ولعل أبرزها المنتجات الصناعية الرياضية.

تجدر الإشارة إلى أن حقوق التصاميم الصناعية هي حقوق إقليمية، لذلك قد يحتاج المصممون أو الشركات إلى التعامل مع العديد من الأنظمة الوطنية المختلفة إذا كانوا يرغبون بالحصول على الحماية في بلدان متعددة علمًا أنه يمكن تقديم طلب دولي واحد يشمل ما يصل إِلى مئة تصميم في العديد من البلدان الموقّعة على نظام لاهاي الذي تديره الويبو/WIPO/.

أما بالنسبة إلى براءات الإختراع  فهي من أولى أنواع الملكية الفكرية وقد أقرّتها الأنظمة القانونية الحديثة. وتسود الإبتكارات الحاصلة على البراءة كل أوجه الحياة بما فيها الرياضة، ويمكن تعريف الإِختراع على أنه ابتكار يتيح طريقة جديدة للقيام بعمل ما أو حل تقني جديد لمشكلة ما.

ولما كانت التكنولوجيا تؤثر بشكلٍ كبير في عالم الرياضة. ولما كان ظهور التكنولوجيات الرقمية قد أدى إلى تطورات تكنولوجية غير مسبوقة، فقد ارتقت التقنيات الإِبتكاريّة المحمِية بموجب براءات إختراع بالرياضة إلى عالم جديد. وقد باتت المعدات الرياضية الذكية منتشرة على نطاق واسع وتتيح هذه التقنيات الحديثة للرياضيّين ومدرّبيهم فرصة مراقبة أدائهم وتقييمه.

وفي هذا الإطار نشير إلى أنه من المفروض أن يكون الإختراع ذا فائدة علمية وأن يقدم شيئًا جديدًا للمنفعة البشرية بالإضافة إلى وجوب تضمنه لمسة إبداعية غير مسبوقة. وعلاوًة على ذلك يجب ألا يندرج الاختراع ضمن المسائل غير القابلة للحماية بموجب البراءة.

ولا بدّ من الإشارة إلى أن براءات الاختراع تكتسي على غرار معظم حقوق الملكية الفكرية طابعًا إقليميّا إذ تمنح الحماية داخل البلد بموجب قانونه الوطني شرط أن يقدّم المخترع أو وكيله طلب الحماية إلى مكتب البراءات يتضمن وصفًا واضحًا للاختراع وتفاصيل كافية للسماح لشخص لديه معرفة متوسطة بالمجال التقني لاستخدامه أو إعادة إِنتاجه. أما إِذا كان مقدم الطلب يرغب بالحصول على الحماية في بلدان متعددة فإنّه من الجائز تقديم طلب دولي واحد يشمل العديد من البلدان الموقّعة على معاهدة التعاون بشأن البراءات الذي تديره الويبو /WIPO/.

 

القسم الثاني: حقوق البث الرِياضي

دورة مالية عملاقة تدّر الأموال على الإتحادات الدولية والأندية المشاركة في الأحداث الرياضية الكبرى ويتجلّى ذلك من خلال توقيع الشبكات التلفزيونية ومواقع البث المباشر مثل (AMAZON PRIME VIDEO) عقودًا خياليًة تشتري بموجبها حقوق بث مباريات الدوريات من الاتحادات المحلية والإِتحادات الدولية بالنسبة للأحداث الدولية الكبرى بالإِضافة إِلى اللجنة الأولمبية الدولية بالنسبة للألعاب الأولمبية التي يتمّ تنظيمها. وتوزّع الأموال التي يتم تحصيلها على الأندية والإِتحادات الدولية وذلك بعد اقتطاع قسمٍ منها للإتحادات المحلية المشاركة بحسب مركزها في الترتيب وشعبيتها وجذبها للمشاهد. وإذا تمعنّا بلعبة كرة القدم نلاحظ أن الدوري الإنكليزي هو صاحب العقد الأغلى بين الدوريات العالمية إذ بيعت حقوق بثه للمدة الممتدة بين العام 2019 لغاية العام 2022 بمبلغ 4.5 مليار جنيه استرليني(POUND) كان نصيب ليفربول حامل لقب الموسم قبل الأخير منها 139 مليون جنيه استرليني(POUND) في حين حصل نوريتش سيتي صاحب المركز الأخير على 92 مليوناً.

ولا بد من الإشارة إلى أن حقوق البث الرياضي تقع ضمن فئة الحقوق المجاورة لحق المؤلف وانطلاقًا من ذلك يمكن القول أَن القانون يحمي حقوق هيئات البث والمنظمات مثل شركات التسجيل التي تنتج التسجيلات الصوتية.

أَما بالنسبة للحماية القانونية المقدّمة في إطار الحقوق المجاورة فهي مشابهة لحقوق المؤلف وفي هذا الإِطار نشير إلى أَنّه توجد قوانين وطنية مختلفة بشأن حق المؤَلف شأنه في ذلك شأن الأشكال الأخرى من الملكية الفكرية كما أَن القانون الدولي يضع معايير للحماية الدولية وذلك من خلال اتفاقيتين دوليتين تمّ إبرامهما عام 1996 هما معاهدة الويبو/WIPO/ بشأن حق المؤلّف ومعاهدة الويبو/WIPO/ بشأن الأداء والتسجيل الصوتي من أجل المساعدة في حماية حق المؤّلف والحقوق المجاورة في عصر الإِنترنت.  وفي عام 2012 تمّ اعتماد معاهدة بيكين بشأن الأداء السمعي البصري لحماية الحقوق المجاورة. وبشكلٍ عام، يمكن لأصحاب الحقوق منع الأشخاص من تسجيل مصنّفاتهم أو نقلها أو بثّها من دون إذنهم.

من هنا يمكن القول أَنَّ الحقوق الخاصة بهيئات البث تدعم العلاقة بين الرياضة والتلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى وعليه فإنَّ شركات الإِعلام تدفع مبالغ مالية ضخمة مقابل الحق الاستئثاري في بث الأحداث الرياضية الكبرى مباشرًة إذ تجذب هذه الأَحداث الملايين من المتابعين المتحمسين لتذوّق الإِثارة التي تتخلّل المسابقات الرياضية.

وتأسيسًا على كل ذلك يمكن القَول أَن بيع حقوق البث والإِعلام أصبح في السنوات الأخيرة أكبر مصدر دخل لمعظم المنظمات الرياضية كما تكفل مبيعات تلك الحقوق تمويل الأحداث الرياضية وتساهم في تنمية الرياضة على مستوى العالم.

ونظراً للإيرادات الكبيرة التي توفرها حقوق البث والإِعلام لحظها الميثاق الأولمبي للجنة الأولمبيّة الدوليّة في المادة/48/ منه التي تطرّقت إِلى موضوع التغطية الإِعلامية أثناء انعقاد دورة الألعاب الأولمبية حيث تتخذ اللجنة جميع الخطوات اللازمة لضمان التغطية الكاملة من قبَل وسائل الإعلام المختلفة لضمان الوصول إلى أوسع عدد ممكن من الجمهور حول العالم. كما أنّه يعود للجنة الأولمبية وحدها اتخاذ القرارات المتعلقة بتغطية أحداث دورة الألعاب من قبل وسائل الإِعلام التي تجيز لها ذلك.  وقد جاء في نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة/48/ على الشَكل التالي:

Media coverage of the Olympic Games

1 The IOC takes all necessary steps in order to ensure the fullest coverage by the different media and the widest possible audience in the world for the Olympic
Games.
2 All decisions concerning the coverage of the Olympic Games by the media rest
within the competence of the IOC.”

بالإِضافة إِلى ذلك فقد نصَّت الفقرة الثالثة من النظام الداخلي للمادة/48/ من الميثاق الأولمبي على أنه يجوز فقط للأشخاص المعتمدين والمصرّح لهم من قبل اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية العمل بصفة صحفيين ومراسلين وتحت أيّة صفة إعلامية أخرى خلال انعقاد دورة الألعاب الأولمبية. وقد جاء النص على الشكل التالي:

Only those persons accredited as media may act as journalists, reporters or in any other
media capacity. Under no circumstances, throughout the duration of the Olympic Games,
may any athlete, coach, official, press attaché or any other accredited participant act as a
journalist or in any other media capacity.”

 

خاتمة

إِنَّ مصادر الربح المالي التي توفرها صناعة الرياضة من خلال استخدام حقوق الملكيّة الفكرية كثيرة ومتعددة ويصعب إِحصاؤها، فهي تملأ جيوب اللاعبين الذين أضحوا بمثابة أساطير وتتخم الحسابات المصرفية لأرباب الصنعة وباروناتها. فالألعاب الرياضيَّة التي كانت ملاذًا للفقراء للهرب من هموم الحياة أصبحت مع مرور الوقت تسلب منهم إذ أَصبحوا لا يملكون القدرة على شراء قميص فريقهم المفضل ولا يستطعون دخول الملعب لتشجيعه ولا يملك بعضهم حتى رفاهيَّة دفع الاشتراك التلفزيوني.

فالرياضة صناعة عالمية تعتمد على حقوق الملكية الفكرية الأَمر الذي دفع بالمنظمة العالمية للملكيّة الفكريّة/WIPO/ التي تأسست عام 1967 وأَصبحت وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة بدءًا مِن العام 1974، إِلى دعم الحكومات وتقديم المشورة لها في سبيل إزكاء الوعي بأهمية الإِعتماد على قوانين الملكية الفكريَّة داخِل المنظومة الرياضيَّة.

وفي هذا الإِطار، نشير إلى أن المنظومة الرياضية العالمية تتكون من شبكة كبيرة ومعقّة من اللاعبين ورجال الأَعمال التي تربطهم علاقات تجاريَّة قائمة على حقوق الملكيَّة الفكريَّة. وقد أتاح الإِستخدام الإِستراتيجي لتلك الحقوق النمو السريع لقطاع الرياضة العالمي وسيستمر في أَداء دور محوري في تطوير الرياضة في المستقبل في ظلّ بيئة سريعة التطوُّر قائمة على التكنولوجيا. كما أَنّ التركيز على الملكيَّة الفكريَّة والرياضَة يوفّر فرصا كبيرة لتعزيز التنمية الإجتِماعيّة والاقتصادية والثقافيَّة لجميع الدول.



×